من أفعال الحب التي يقوم بها الآباء خلال تربية أبنائهم، أن يهبوا لهم مما اكتسبوا من الحكمة في نصيحة غالية، يدفعون أثمانها من أيام عمرهم وخطوط وجههم وشيب رؤوسهم، وفي القرآن مثال لنموذج والد أقر الله له بالحكمة، إذ هدي إلى أن يقدم لنفسه شكر الله، الذي هو من عظائم ما يقدمه الإنسان لنفسه.
ومن ثم أدرك لقمان قيمة الهداية ونصح بها ولده، وإذا كان شكر الناس من شكر الله فإن أحق من يشكر بعد الله هما الوالدين، الذين كانا سبيلا في أن يوهب الإنسان نعمة الوجود والحياة، لكن ومع ذلك فإن حدود الإحسان إليهما تنتهي عندما تتعارض مع توحيد الله إلا أن هذا لا يستجلب لهم القطيعة ولا الإساءة.
كما أوصى لقمان ولده بمراقبة الله في كل شيئ وتقدير قدرته -جل وعلا- على الاطلاع على كل شيء مهما صغر أو كبر، وأوصاه بالصبر والصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحفاظ على الآداب والأخلاق.
هذه الوصية جامعة لمناحي الحياة في الإيمان والآداب والأخلاق والمعاملات، ومنيلزمها تتضح له معالم الحياة وتسطر فيها أولوياته بشكل مريح.
يقول -تعالى- في كتابه العزيز: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ۚ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}( لقمان 12:19).
ملخص وصايا لقمان
1- ألا يشرك بالله لأن الشرك ظلم عظيم
2- أن يستوصي بوالديه خيرا ويصاحبهما بالمعروف في غير معصية الله
3- أن يتبع سبيل التائبين
4- أن يراقب الله عز وجل في كبير أمره وصغيره، فهو -عز وجل- “يعلم السر وأخفى”
5- إقامة الصلاة
6- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
7-الصبر على ما المصاب، فهو من مرادفات العزيمة
8-ألا يذل نفسه للناس ولا يتكبر عليهم
9- القصد في المشي
10- غض الصوت