عز الوقوف بباب الله والاستغناء عمن سواه

الانتظار على جميع الأبواب ذل يورث الخيبة واليأس، إلا الاطّراح بباب الله فهو عز يورث الغنى والطمأنينة، لأن كل من دون الله عاجز مهما بلغت قوته، والله وحده كامل الإرادة والقدرة على أن يلبي كل واقف ببابه بأحسن مما يطلب، وكل من دون الله محدود العطاء.

كل من دون الله يكره الطلب وتكراره، أما الله فيحب العبد اللحوح، ويباهي بطلب عبده وإقباله عليه، كل من دون الله يخشى أن يتحدث عما لديه، أما الله فيباهي ويقسم أنه لو أعطى كل واحد مسألته ما نقص ذلك منه شيئا.

لذا فالوقوف بباب الله خير ما يلزمه الفقير المحتاج الضعيف، الذي لا يملك من أمره شيئا، وهو أرجى أن يحصل على ما يطلبه.

من أدب الوقوف بين يدي الله

يقول الشاعر:

أخلق بذي الصبر أن يحظى بطلبته    والمدمن القرع للأبواب أن يلج

للمؤمن أن يمتن للحاجة التي توقفه بباب الله، إذ أننا جميعا بين يديه ولا تنقضي حوائجنا.

يقول الشيخ عبد الرحمن المكودي:

إذا عرضت لي في زماني حاجة

وقد أشكلت فيها علي المقاصد

وقفت بباب الله وقفة ضارع

وقلت إلهي إنني لك قاصد

ولست تراني واقفا عند باب من

يقول فتاه: سيدي اليوم راقد

كل الناس يصطفي الأحب والأقرب إليه، أما الله –عز ويجل- فيغضب ممن لا يسأله ويجيب طلب الجميع، كما قال في سورة غافر: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}(غافر 60)، ويقول العلماء أن المقصود بالعبادة في هذه الآية الدعاء.

شاع في الأدب العربي أبيات تقول:

يا من يرى ما في الضمير ويسمع

أنت المعد لكل ما يتوقّع

يا من يرجى للشدائد كلها

يا من إليه المشتكى والمفزع

يا من خزائن ملكه في قول كن

امنن فإنّ الخير عندك أجمع

مالي سوى فقري إليك وسيلة

بالافتقار إليك فقري أدفع

مالي سوى قرعي لبابك حيلة

ولئن رددت فأيّ بابٍ أقرعُ

ومن الذي أدعو وأهتفُ باسمه

إن كان فضلك عن فقيرك يمنعُ

حاشا لمجدك ان تقنّط عاصيا

والفضل أجزلُ والمواهب أوسع